الإرهاب التونسي بين الصمت والتواطؤ

سهيل المديمغ
محام وباحث

الوثيقة التي نتناولها اليوم بالتعليق، هي تقرير تفقد مؤرخ في 21 أفريل2017، جاء في خمس صفحات، مذيلة بإمضاء محررها، السيد توفيق القاسمي، القنصل العام للجمهورية التونسية بطرابلس،حول مهمة بليبيا لوفد، ضم ممثلا عن وزارة الداخلية، ومدير الاتفاقيات القنصلية، وطبيب أطفال ممثلا عن وزارة الصحة، والمندوب العام للطفولة، وممثلا عن ديوان التونسيين بالخارج، كما ضم الفريق أربعة مساعدات اجتماعية.

دامت المهمة من 17 أفريل 2017 إلى 20 أفريل 2017، وتضمنت لقاء بالنائب العام بوزارة  العدل الليبية، في اليوم الثاني، والتي كشفت اختلاف المنظور التونسي عن المنظور الليبي بشأن ما عرف بملف الأطفال, أبناء الإرهابيين التونسيين بليبيا، وترحيلهم، والإشكاليات التي تتقاطع معها، والمعطيات الأمنية والقضائية المتوفرة، وضرورة تجاوز العراقيل السياسية والفنية لتعزيز التنسيق بين الجانبين.

الوثيقة مصنفة سري مطلق تكشف الخلل الوظيفي والهيكلي

للأجهزة المكلفة بمكافحة الإرهاب

تكشف الوثيقة، المصنفة سري مطلق، والموجهة لوزير الشؤون الخارجية، الموانع الهيكلية والخلل الوظيفي، في الأجهزة المعنية بالإرهاب، والتي شكلت عقبة أمام تطور "المهمة"، والاستفادة من المعلومات والمعطيات، وسوء تقديرها، بالرغم من خطورتها على الأمن القومي التونسي.

يتطرق التعليق، الى المسألة الإنسانية، التي حفت بتلك المهمة، قبل تفصيل الإشكاليات التي تعرضت لها.

 

الفرع الأول: المسألة الإنسانية

أولا: قضية ترحيل الأطفال التونسيين من ليبيا

تؤكد المعطيات الموثوقة باختلاف مصادرها، أن أطفالا تونسيين مودعين بسجن معيتيقة، والكائن بالعاصمة طرابلس، وكذلك بدار الرعاية الجوية الكائنة بمدينة مصراتة، وأن الوفد التونسي، توجه إلى ليبيا، بدعوة رسمية من وزارة الخارجية والتعاون الدولي الليبي، لإنجاز مهمة محددة، متمثلة في ترحيل هؤلاء الأطفال.

تم اللقاء بين الوفد التونسي، غير مكتمل الأعضاء، والنائب العام الليبي بمقر وزارةالعدل الليبية في 18 أفريل2017، وبمناسبته، ظهر الخلاف بين المنظور التونسي والمنظور الليبي حول تلك المسألة.

1.    المنظور التونسي

يعتبر الجانب التونسي أن قضية ترحيل الأطفال، هي مسألة إدارية، لا تتجاوز الإجراءات المعمول بها عند الترحيل، من وثيقة قنصلية وتقرير إداري ومرافقة رسمية، فتركيبة الوفد التونسي وغياب ممثلين عن وزارة العدل والمؤسسة القضائية، يؤكد أن المهمة، في نظره، تتعلق بإنجاز الترتيبات الإدارية والقنصلية، وزيارة الأطفال والإشراف على ترحيلهم وتأمين المرافقة النفسية والصحة والاجتماعية لهم.

اللقاء الذي جمع الوفد التونسي، بالنائب العام الليبي، كان كاف لكشف التقابل والاختلاف، بين المنظورين الليبي من جهة، والتونسي من جهة أخرى، فالوفد لم يكن مخولا للخوض في أية إشكاليات أخرى، غير استلام الأطفال، والعودة بهم الى تونس، ذلك ما جعل اللقاء غير منتج واقتصر على استكشاف استعدادات الطرف الليبي، ورؤيته لملف الأطفال التونسيين دون تخويلهم سلطة التمعن في طلبات النائب العام، أو التفاعل إيجابيا مع مقترحاته.

لم يكن للوفد التونسي أي سلطة لاتخاذ قرار، حتى عندما يتعلق الأمر بمكافحة الإرهاب،وتطوير مستوى التنسيق، وهو ما جعل الفريق التونسي يكتفي بالتعهد بنقل مقترحات النائب العام، لا غير.

ترحيل الأطفالالعالقين بليبيا

هي مسالة إدارية في نظر الوفد التونسي

2.    المنظور الليبي

يعتبر النائب العام، أن ملف ترحيل الأطفال التونسيين، هي مسألة قضائية، مما يفترض تعاونا في هذا المجالبين البلدين، وهو ما يستدعي تحول قضاة من تونس الى ليبيا، مع فرق من خبراء في الطب الشرعي، والشرطة الفنية والعلمية، حسب تنوع الاختصاصات، في المجال الأمني، إلى جانب التأكيد على أن ترحيل الأطفال التونسيين، لا بد أن يراعي موقف الأم الحاضنة، فإذا لم تصرح بموافقتها على الترحيل، فإنه لابد من استصدار حكم قضائي لفائدة أحد أفراد عائلة الطفل، إلى جانب مراعاة مصلحته الفضلى، طبق ما نصت عليه التشريعات النافذة والمعاهدات ذات الصلة.

كان واضحا، أن النائب العام الليبي، يستثني الأطفال الرضع، من كل قرار بالتسليم، أو الترحيل، ما لم تقم الحجة على خطورة بقائهم مع أمهاتهم.

النائب العام الليبي ينزل ملف الأطفال التونسيين وترحيلهم منزلة قضائية

من الواضح، أن المنظور الليبي، يُنزِّلُ ملف الأطفال التونسيين وترحيلهم منزلة قضائية، وقد وعد النائب العام الليبي، بالترخيص للوفد التونسي بالزيارة، لكنه أكد على ضرورة التنسيق الكامل في جميع المستويات، الأمنية، والفنية، والقضائية، والدبلوماسية، حتى يجيب على جميع الإشكاليات المطروحة ويُيَسِرُ استغلال الجهتين للمعطيات الامنية والقضائية.  

ثانيا:الإشكاليات المطروحة

يبرز التقرير الموجه من رئيس الوفد، إلى وزير الشؤون الخارجية التونسية، أن اللقاء الذي جرى بين الفريق التونسي والنائب العام الليبي، تعرض الى عديد الإشكاليات، التي تم عرضها، دون أنتجد الحلول المناسبة لها، ومن بينها:

1.    جثث الإرهابيين في ثلاجات ليبيا:

طرح النائب العام الليبي،في لقاءه بالوفد التونسي، إشكالية احتفاظ الجانب الليبي، بجثث 120 إرهابي، ممن قضوا منذ سنة تقريبا، وهو معطى يستدعي القيام باختبارات جينية، للتعرف على هويتهم الحقيقية، خصوصا، وأن العنصر الإرهابي، يعرف بكنية، تسند له، استعدادا للقيام بمهام إرهابية.

إن وجود جثث إرهابيين بالثلاجات الليبية، يعكس إصرارا على التعرف على هوية هؤلاء، لغلق الملفات القضائية، أو المساعدة على غلقها، إذا قدم الجانب التونسي، معلومات قاطعة حولهم، وسيساعد على معرفة مسارات التسفير، وشبكاته، وهي كلها معطيات على غاية من الأهمية والخطورة.

 

 

 

120 جثة لإرهابيين تونسيين مجهولي الهوية في ثلاجات ليبيا منذ 2016

بالتأكيد أن إجراء الاختبارات الجينية، على 120 جثة، بالثلاجات الليبية، سيمثل سلة معلومات هائلة، وهو ما يثير الريبة والاستغراب لعدم التفاعل الإيجابي، مع المقترح الليبي.

2.    السجناء التونسيين من الدواعش:

من المعلومات التي نقلها النائب العام الليبي، للوفد التونسي، وجود سجناء تونسيين مودعين بعديد السجون الليبية الأخرى، من بينها، سجون تسيطر عليها كتائب عسكرية مختلفة، غير أن 80 من هؤلاء السجناء مودعون بسجن معيتيقة من بينهم 22 امرأة، وهذا المعطى يكشف التحاق عائلات بأكملها، بالمجموعات الإرهابية في ليبيا، ويدل، دلالة قاطعة، على أن قاعدة المؤمنين بالمشروع الوهمي,دولة الخلافة, قد توسعت.

80 إرهابي تونسي، من بينهم 22 امرأة مودعين في سجن معيتيقة فقط

سيكون للتنسيق والتعاون بشأن السجناء التونسيين الدواعش، بليبيا، فائدة عملية كبيرة، خصوصا، وأن تلك الملفات تتضمن معلومات وحقائق قضائية، يمكن استغلالها، غير أن ذلك سيمر حتما بإجراءات تضبطها مؤسسات الطرفين، بما في ذلك إجراءات تسليمهم. لكن صمت الجانب الرسمي لتونس، يثير عديد التساؤلات حول مدى استعداده للتفاعل الإيجابي مع تلك المقترحات واستثمارها جديا لمكافحة الإرهاب.

3.    تبادل المعلومات مع الأمن التونسي وتشكيل غرفة أمنية قضائية مشتركة:

من المعلوم، أن التنظيمات الإرهابية، تنشأ وتتشكل على أساس وطني، ضمن حدود دولة بعينها، غير أنها سريعا ما ترتبط، بالولاء والبيعة، بتنظيمات إقليمية، ودولية، وتتبنى ذات الأهداف والمشاريع، وهو ما يدفع عناصرها الى المشاركة في المعارك، في مستوياتها الوطنية، والإقليمية، والدولية. كما تقوم التنظيمات الإرهابية الدولية، في المقابل، بمساندة المجموعات داخل الأوطان، بالدعم المالي، واللوجستي، والبشري، وهو ما يكشف تلازم مسارات الانضمام إلي تلك التنظيمات، داخل تونس، وفي ليبيا، وهذا ما جاء بالتقرير المؤرخ في 21 أفريل 2017.

الوفد التونسي يرفض التنسيق مع الطرف الليبي في خصوص ملف التسفير

إن مقترح النائب العام الليبي، بضرورة إرساء منظومة التعاون الفوري، وتبادل المعلومات، وتعقب الإرهابيين، بين تونس وليبيا، وتكوين غرفة مشتركة، بين أجهزته، والقضاء والأمن التونسيين، يمثل دعوة ملحة، لهيكلة ذلك التعاون، وتطويره، لتعزيز القدرات النوعية للتصدي للظاهرة الإرهابية، العابرة للحدود،

4.    رغبة الطرف الليبي في معرفة الهوية الحقيقية للإرهابيين التونسيين الذين قضوا في ليبيا

يشير النائب العام الليبي، إلى حاجة الطرف الليبي للتعرف على هوية العناصر الإرهابية التونسية التي قتلت في ليبيا، بالاعتماد، على المعطيات الموجودة بخزائن وزارة الداخلية التونسية، وهذا لا يهم الجانب الليبي فقط، الذي يسعى إلى غلق تلك الملفات القضائية، بل يهم الجانب التونسي، فمن الضروري أن تكون للسلطات التونسية، كامل المعطيات المؤكدة، حول مقتل تلك العناصر، لترتيب الأثر المناسب على ضوء ذلك، وغلق الملفات.

تونس ترفض المساعدة على التعرف على هوية الارهابيين التونسيين

الذين ماتوا بليبيا

5.    مشاركة القضاءالتونسي في إجراءات التتبع في ليبيا

إن شبكات التسفير والدعم، للعناصر الإرهابية متشابكة، ومتقاطعة، وتهم البلدين على حد السواء، وهو ما جعل النائب العام الليبي يعبر عن استعداده، لإشراك قضاة تونسيين، في التحقيقات المتعلقة بالإرهابيين التونسيين، قبل ختم الأبحاث، وإحالتهم على القضاء، وهو مقترح لا يتضمن أي شرط.

ولعل من أوكد واجبات الجهات الرسمية التونسية، الإذن، للقضاء التونسي، بتعقب العناصر الإرهابية التونسية، خارج تونس، لتهديدها المتواصل، والخطير للأمن الداخلي، خاصة مع استعداد الجانب الليبي للتعاون في هذا المجال.

الوفد التونسي يرفض المقترح الليبي

بمشاركة قضاة تونسيين في التحقيقات المتعلقة بالإرهابيين التونسيين بليبيا

الفرع الثاني: المعطيات الأمنية والقضائية

حول الإرهاب التونسي بليبيا

شكل اللقاء الذي جمع الوفدالتونسي بالنائب العام الليبي، فرصة للتأكد من امتلاك الجانب الليبي لمعطيات أمنية، شديدة الخطورة، من شأنها المساعدة على تعقب الإرهابيين، وخصوصا العناصرالتي بقيت أدوارها سرية.

أولا: معطيات أمنية

لقد تعمد النائب العام الليبي، تحسيس الوفد التونسي، بخطورة المعطيات الأمنية، وتنوعها، من جهة، ومن جهة أخرى استعداده المطلق لتمكين الجانب التونسي منها.

1.     معطيات حول شبكات التسفير التي شاركفيها تونسيون

أكد التقرير، أن للنيابة العامة بليبيا، كمٌّ هائل من المعلومات، حول تنظيم داعش الإرهابي، ونشاطه في ليبيا، وكذلك في دول الجوار، وعن شبكات التسفير المنطلقة من تونس.

ومن المعلوم أن ملف التسفير، قد تأثر بصراع سياسي، وتدخل مراكز نفوذ، عطلت كشف أسراره، بالرغم من خطورته الشديدة، ومن أهم المعطيات، التي يمكن أن تكشفها النيابة العامة الليبية، تلك المتعلقة بالمهربين، والوسطاء، وخلايا التسفير في تونس، ونفوذهم،واختراقهم لبعض الإدارات، لتسهيل السفر عبر نقاط العبور الرسمية.

  الوفد التونسي غير مؤهل لتسلم معطيات خطيرة

حول تحركات الإرهابيين على الحدود التونسية

2.     ستمائة (600) شفرة نداء

إن تحوز النيابة العامة الليبية، على ستمائة شفرة نداء، تابعة لإرهابيين تونسيين، تتضمن كمًّا هائلا من المعلومات والمعطيات، من شأنها أن تكشف شبكات غير معلومة، تغذي المشاريع الإرهابية داخل تونس وخارجها ويكفي أن يتم التنسيق مع الجانب الليبي، للحصول على ما حوته تلك الشفرات المحجوزة، من أسرار ذات قيمة، حول الإرهاب التونسي داخل تونس وخارجها، والتقاطعات التي قد تبرز، مع أحزاب ومجموعات وأشخاص غير معلومين الآن، وهذا تحديدا ما حال دون سعي الجانب التونسي للاطلاع عليها.

600 شفرة نداء تونسية بحوزة القضاء الليبي،

تكشف شبكات التسفير، داخل تونس

يرفض الوفدالتونسي تسلمها

إن عدم الالتفات إلى هذا المعطى، يرتقي بدون شك، إلى المشاركة اللاحقة في الجرائم الإرهابية، بمنع القضاء التونسي من الاستفادة من محتوى تلك الشفرات، بل من المؤكد، أن جهات نافذة ومؤثرة في تونس، عملت وتعمل، على عدم تسلم محتوى تلك الشفرات، حتى تحول دون كشف أسرار خطيرة، تورطها مباشرة في المشروع الإرهابي الإقليمي.

ومن المؤكد أن الستمائة شفرة اتصالات تونسية، المحجوزة لدى النيابة العامة الليبية تتطلب تعاونا على وجه السرعة والاستعجال، وذلك بهدف تسخير مشغلي الاتصالات في تونس للحصول على قائمات المكالمات، هذا إلى جانب التسجيلات الصوتية والمرئية لدواعش تونسيين مع عائلاتهم بتونس أو مع قيادات إرهابية.

3.     أبو البراء التونسي

توفرت لدى الجانب الليبي، معلومات حول داعشي تونسي، مصنف خطير جدا، تم إلقاء القبض عليه، غير أن السلطات الليبية، قايضته بمئات المدنيين، بعد أن تولت مجموعة إرهابية تفخيخهم، والتهديد بالتنفيذ، في حال عدم إطلاق سراحه، ويدعى «ياسين" أصيل حي الخضراء بتونس العاصمة يكنى بـ"أبو البراء التونسي"، وقد رجح النائب العام دخوله إلى تونس مجددا للقيام بعمليات إرهابية في تونس.

أبو بكر البغدادي، يدعو الى وقف تنفيذ العمليات الانتحارية

بواسطة إرهابيين تونسيين

4.     تسجيل أمير تنظيم داعش

من ضمن المعطيات الأمنية شديدة الخطورة، تحوز النيابة العامة الليبية، على مقطع مسجل للأمير السابق لتنظيم داعش أبو بكر البغدادي، يدعو فيه لعدم تكليف العناصر الإرهابية التونسية للقيام بعمليات انتحارية داخل ليبيا، في انتظار صدور فتوى لتنقل المعركة إلى تونس بوصفها أرض الرخوة، في اشارة الى مفهوم الرخاوة، الوارد بكتاب أبو بكرناجي: النفس الزكية وتفجير الرياض.

أبو بكر البغدادي يصنف تونس أرض رخوة،

ويدعو الى نقل المعارك داخل تونس

إن تعيين، جلال الدين التونسي، كوالي الولايات بإفريقيا، إنما هو مرحلة متقدمة من الاستعدادات بغاية الوصول إلى تونس، فلو تم الحصول على كل تلك المعلومات لأمكن تفادي هجوم 7 مارس 2016 ومحاولة السيطرة على بن قردان، فتأجيل التنسيق مع الجهات الرسمية الليبية عرض أمن تونس للخطر.

ثانيا: معطيات قضائية

عند لقائه الوفد التونسي، عبّر النائب العام الليبيعن استعداد التنسيق المعمق بحسب الاختصاصات:

1.     متهمون تونسيون أمام القضاء الليبي

من المؤكد، أن النزلاء بسجن معيتيقة بالعاصمة طرابلس، أوبدار الرعاية بالكلية الجوية، الكائنة بمدينة مصراتة، من التونسيين والتونسيات، التابعين للمجموعات الإرهابية، متهمون أمام القضاء الليبي، وهو ما يبرر طلب النائب العام التنسيق مع الجهات القضائية التونسية، لحضور إجراءات التتبع والتحقيق والمحاكمة، وهي فرصة نادرة قلما تتاح، في مجال التعاون القضائي الدولي، فمشاركة الجهة التونسية في سير محاكمة المتهمين التونسيين، أمام القضاء الليبي، سيمكن القضاء التونسي من معرفة تلك الحقائق القضائية والاستناد عليها، في أبحاثه.

2.     معطيات حول تحركات الإرهابيين التونسيين على الحدود التونسية

يتحوز الجانب الليبي على معطيات حول تحركات لعناصر إرهابية تونسية على الحدود التونسية، وهي معطيات، ولئن وردت عرضيا ضمن اللقاء، إلا أنها تثير الانتباه، خصوصا، مع محاولة هؤلاء السيطرة على مدينة بن قردان بداية شهر مارس 2016.

لقد أعطى النائب العام الليبي، للتعاون مع الجهات الأمنية والقضائية التونسية، الأهمية الكبرى حتى أنه ربط بين جميع المسائل، الإنسانية، والأمنية، والقضائية، دون فصلها عن بعضها.

لا شك أن الملفات القضائية ستسمح للسلطة القضائية التونسية بتوفير أكبر قدر من المعلومات والمعطيات التي تفتقدها لتحرك التتبع ضد أنفار أو تضيف من المعطيات والمعلومات ما يجعلها أوضح وأكمل خصوصا وأن الملفات القضائية التونسية لا تتضمن معطيات من مصادر متنوعة أو متعددة وهي مقتصرة على تصريحات المستنطقين من قبل القضاء التونسي.

خاتمة

إن قصورا فادحا، وملحوظا اعترى أداء الجانب التونسي، وعطل الإمكانيات الهائلة للتنسيق بين الجانبين، التونسي والليبي، وهذا راجع بالأساس، إلى الخلل الوظيفي والهيكلي، للأجهزة المكلفة بمكافحة الإرهاب، في بعدها الإقليمي، والدولي، بالإضافة الى تداخل وظائف الجهات المعنية بالملف الإرهابي، وضعف التنسيق بينها، وهو ما يربك المجهود المبذول في مكافحة الإرهاب.

الخلل الوظيفي والهيكلي،

للأجهزة المكلفة بمكافحة الإرهاب،

وراء فشل المهمة، بالإضافة الى تدخل أطراف موازية

كشف هذا الملف، الخلل في مستوى إتخاذ القرار السياسي، والدبلوماسي، والأمني، بعد أن قامت جهات غير رسمية، أي موازية، بالتدخل في ملف الإرهاب التونسي في ليبيا، بشكل شوّش، وعطل المجهود الرسمي، وأثار امتعاض النائب العام الليبي، فالمسارات الموازية، أضرّت دائما بالأمن القومي التونسي، وعطلت التنسيق الثنائي بشأن الإرهاب التونسي في ليبيا، في مستوياته المختلفة، الإنسانية، والأمنية، والقضائية.