إن المركز التونسي للبحوث حول الإرهاب يلتزم بالإطار القانوني المنظم لنشر المعطيات القضائية وكشفها، وخاصة منها الفصل 61 من المرسوم عدد 115 المؤرخ في 02 نوفمبر 2011 والذي يحجر نشر وثائق التحقيق قبل تلاوتها في جلسة علنية ويعاقب مرتكب ذلك بخطية تتراوح بين ألف وألفي دينار.فتحجير نشر المعطيات القضائية مسلط على المرحلة الإتهامية بمعنى أنه يمتدّ زمنيا من أعمال الباحث المناب من حرس وشرطة إلى مرحلة التحقيق ثمّ مرحلة دائرة الإتهام وتعقيب قرارها، وبمجرّد تعهّد الدوائر الحكميّة الجناحية والجنائية وتلاوة قرار الدائرة والتحقيق بجلسة علنية، يرفع ذلك التحجير تماما ويصبح حقّ نشر المعطيات مكفولا للجميع.
وتجدر الإشارة إلى أنّ القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 الصادر في 07 أوت 2015 بوصفه الإطار القانوني الجديد، قد تضمّن نصوصا زجرية يتمّ فيها تتبع الأشخاص الذين يتعمدون كشف معطيات محدّدة. فقد إعتبر في قسمه السابع: في آليات الحماية أنه تتخذ التدابير الكفيلة بحماية كل من أوكل لهم القانون مهمة معاينة الجرائم الإرهابية المنصوص عليها بهذا القانون وزجرها من قضاة ومأموري ضابطة عدلية ومأموري الضابطة العدلية العسكرية وأعوان ديوانة وأعوان سلطة عمومية.وتشمل تدابير الحماية أيضا مساعدي القضاء والمخترق والمخبر والمتضرّر والشهود وكل من تكفل بأي وجه من الأوجه، بواجب إشعار السلط ذات النظر بالجريمة. كما تنسحب التدابير المشار إليها، عند الإقتضاء، على أفراد أسر الأشخاص المشار إليهم بالفقرتين المتقدمتين وكل من يخشى إستهادفه من أقاربهم. فالمعطيات القضائية المتعلقة بهذه الحالة يحجّر كشفها طالما أنها تعرّف جهات معينة للخطر. غير أن التطبيق القضائي لتدابير الحماية يسعى إلى التوسيع في مجال التجريم حين يعتبر أن مجرّد التعهّد أو المباشرة لأعمال قضائية متعلّقة بالإرهاب تبدأ معه آليات الحماية. وهذا المفهوم الواسع لتدابير الحماية يشلّ حركة نشر المعطيات القضائية والإستفادة منها، ضرورة أنّ التمتع بتدابير الحماية من طرف جهة قضائية أو أمنية أو شهود أو غيرهم يجب أن يكون مسبوقا بإتخاذ قرار في إخفاء الهويّة. بمعنى أنّ الشاهد عندما ما يختار أن يبقى هويته سرية، يتم إتخاذ قرار في ذلك من طرف حاكم التحقيق الذي يعلم وكيل الجمهورية لفتح دفتر سريّ معدّ لذلك وفي هذه الحالة يحجّر كشف الهوية الحقيقة للشاهد.
وكذلك عندما تقرر هيئة المحكمة إخفاء أسماء القضاة والنيابة العمومية الحاضرة بالجلسة وكاتب الهيئة وتصدر حكما خاليا من تلك الأسماء فإن كشف هوياتهم الحقيقية يعدّ مجرما يعاقب عليه.ويفهم ممّا تقدّم أن آليات الحماية لابدّ أن تشمل عددا محددا من المشمولين بها في ظروف معينة، يكون فيها الخطر جليّا وواضحا، وتتخذ قرارات قضائية في إخفاء هوياتهم الحقيقية وفي هذه الحالة فقط يصح إعتبار أنّ كشف المعطيات القضائية المتعلقة بهم عمل موجب للتبع. فالمبدأ أن نشر المعطيات القضائية خلال المرحلة الحكمية جائز ومشروع ما لم تكن هناك قرارات إستثنائية أفردت هيئة قضائية أو شاهد أو غيرهما بحماية خاصّة.
يسعى المركز التونسي للبحوث والدراسات حول الإرهاب إلى إحداث وحدة إنصات بغاية الإستماع والتواصل مع أكبر عدد ممكن من المتضررين وذلك من أجل فهم ظاهرة الإرهاب وتفكيك آليات الإستقطاب والتطرف. ويشتغل على خطاب العنف الصادر عن المجموعات الإرهابية والموجه إلى الفئات الشبابية الأكثر هشاشة. ويستند في مشروعه إلى خبرات متعددة الإختصاصات كعلم النفس وعلم الإجتماع والقانون وغيرها.
ويتوجه المركز ضمن إستراتيجيته إلى الفئات المستهدفة بخطاب التطرف والعنف في محاولة لإسترجاعها وذلك بوضع خطة مواجهة حقيقية مع هذا النوع من الخطاب في المجال العام وتحديدا في مجال التواصل والإتصال.
كما تهدف الوحدة إلى ضبط التوجهات الكبرى في التعامل مع المتضررين من الإرهاب وتقديم الإحاطة النفسية والإجتماعية والمساعدة القانونية لهم. ويمكن أن نقسم الأدوار الرئيسية الموكولة إليها إلى: