دراسات حول الإرهاب العدد الأول

المقالات

مراجعات: الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب

شهدت السنوات الأولى للثورة، تنامي غير مسبوق للظاهرة الإرهابية في تونس، التي أثبتت قدرة استثنائية في الاستمرار والتأقلم والتطور، بالتحامها بعدد من الفضاءات، كالفضاء الديني والتهريب والاجرام والحرمان الاجتماعي والفضاء الافتراضي [1]. وهو ما دفع رئاسة الحكومة في بداية سنة 2015، الى تكوين فريق عمل لفهم الظاهرة ومحاولة التصدي لها.تعد الوثيقة، التي نقدمها في العدد الأول من مجلة دراسات حول الإرهاب، دراسة غير منشورة، أنجزتها رئاسة الحكومة في شهر جانفي 2015، بواسطة فريق عمل بإشراف خبير تونسي، تم استقدامه للغرض من العاصمة الفرنسية، ووضعت تحت يده، وعلى ذمته، كل المعطيات، والأرقام والاحصائيات، غير المنشورة، لم تتضمن الدراسة، على أهميتها، أسماء وصفات من أشرفوا عليها، ولم تقدم للعموم، أو للباحثين، أو للجهات والأجهزة المعنية بمكافحة الإرهاب، ويبدو أنها ضاعت في أروقة القصبة، منذ تلك الحقبة[2]. تضمنت الدراسة عنوانا فرعيا: من أجل تحجيم ظاهرة الإرهاب وفكها عن روافدها، ورفع القدرة على التفادي والتصدي والتحمل للعمليات الإرهابية. وقد تم تقسيمها الى جزئين: الأول خاص بالتشخيص، والثاني: بالأهداف والمبادئ وخطوط العمل، وهي نفس المنهجية التي سيتم اعتمادها في قراءة هذه الدراسة. مع الملخص التنفيذي، المتعلق بكامل الدراسة.

كيف وصل قط الإرهاب الأسود إلى منزل وزير الداخلية لطفي بن جدو

تعرض منزل لطفي بن جدو، عندما كان وزيرا للداخلية، في ساعة متأخرة من ليلة 27 ماي 2014، الى عملية إرهابية، أسفرت عن استشهاد أربعة من أبناء المؤسسة الأمنية، الذين كانوا يشرفون على الحراسة، وأصيب أثنين آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.قضت المحكمة، بجلسة 30سبتمبر 2016، في حق 24 متهم، بالإعدام، مع سجنهم إضافة الى حكم الإعدام، مدة 36 سنة، ووضعهم تحت المراقبة الإدارية مدة خمسة سنوات، كما قضت بعدم سماع الدعوى فيحق سبعة متهمين، بالإضافة الى عقوبات سجنية في حق اثنا عشر متهم تراوحت بين ثلاث وعشر سنوات. أثيرت حول تلك العملية الإرهابية أسئلة كثيرة، وحجبت وثائق كثيرة عن القضاء، ولم يخرج هذا الى العلن، هل استغلت المجموعة الإرهابية التي ضمت 25 إرهابي، حالة الارتخاء الأمني، لمهاجمة الاعوان المكلفين بحراسة المنزل، من عدة جهات، بصفة مفاجئة؟ وهل كانت الداخلية على علم بالهجوم، قبل أشهر من وقوعه؟ وماذا أعدت لتفاديه؟ هل سهلت أو ساهمت في وقوع الهجوم؟ ولماذا فشلت في حماية أعوانها؟ ولماذا منعت القضاء من بسط رقابته على كامل الوثائق والمعطيات؟ للعملية الإرهابية التي جدت بمنزل لطفي بن جدو، في 28 ماي 2014، مقدمات سواء من جانب وزارة الداخلية، أو من جانب الإرهابيين.

طرق التحـري الخاصة في قانون الإرهاب بين التحقيق والنيـابة

لم تنحز الدولة الوطنية المستقلة حديثا الى نظام جزائي بعينه، فقد كان مشرع مجلة الإجراءات الجزائية سنة 1968 محتارا بين نظامين إجرائيين في المادة الجزائية لكل منهما محاسنه وعيوبه: · النظام الإجرائي الأول: هو النظام الاستقرائي أو التحقيقي، اعتبرته القاضية سميحة الشريف أن: جوهر النظام التحقيقي يتمثل في أن الدعوى العمومية لا ترفع مباشرة إلى القاضي بل تمر قبل ذلك بمرحلة تجمع فيها الإستدلالات ويجري فيها تحقيق وهو مرد إسم النظام التحقيقي[1]، ومن خصائصه أنه يسرع في كشف الحقيقة وجمع أدلة الإتهام ويثبت جدوى الأعمال القضائية طالما أن كشف ما قد يشوبها من عيوب لا يمكن أن يظهر للعيان من الوهلةالأولى. غير أنه رغم جدواها ونجاعته، يعرض المتهم لأهواء باحثه ونزواته، ويسهل طمس الحقيقة، وتغيير أدلتها، دون رقابة في ذلك من أية جهة. كما أنه يعزل المتهم عن أدلة إثبات براءته التي يتعذر عليه، في إطار سرية الإجراءات، أن يتقدم بها إثبات الصحة ما قدمه من تصريحات. ومن هذا النظام الإستقرائي إنبثقت مؤسسة النيابة العمومية وتوسعت سلطاتها وتشبعت وكبر دورها في الإجراءات الجزائية حتى أصبحت تستحوذ على أغلب مساراتها خلال المراحل الأولى لكشف الجرائم والبحث عن أدلتها وضبط مرتكبيها.